ألف يوم في البنك المركزي الإيراني.. ارتفاع سعر الدولار بـ 158% أيام رئاسة “فرزين”

فيما تتأرجح سوق الصرف في عهد فرزين بين الإدارة والتدخل، يقف الدولار اليوم في حالة جمود غريبة، فهو لا يتراجع ولا يقفز، بينما تبقى قرارات صانع السياسة النقدية وتوقعات المجتمع معلقة في حالة انتظار وترقب.

ميدل ايست نيوز: مرّ أكثر من ألف يوم على تولّي محمد رضا فرزين منصب محافظ البنك المركزي الإيراني، وهي مهمة بدأها بهدف كبح التقلبات في سوق الصرف، غير أن سعر الدولار الأميركي ارتفع منذ تسلّمه المنصب من 41 ألف تومان إلى مستوى قياسي بلغ نحو 107 آلاف تومان حالياً، بعد رحلة طويلة من التقلبات. وبعد موجات صعود وهبوط حادة، استقرّ الدولار منذ أكثر من شهر عند حدود 107 إلى 108 آلاف تومان، في سوق لا ينهار ولا ينتعش، وكأنه ينتظر إشارة جديدة من صانع القرار النقدي.

ووفقاً لتقرير نشره موقع “تجارت نيوز”، تولّى فرزين إدارة البنك المركزي في يناير 2023، عندما كان سعر الدولار في السوق عند نحو 41 ألفاً و600 تومان. غير أن العملة الأميركية ارتفعت في الربع الأخير من ذلك العام إلى نحو 59 ألف تومان، مسجلةً مستوى قياسياً جديداً. وفي مارس من العام نفسه، بدأت السوق تشهد بعض الهدوء مع ورود إشارات إيجابية، مثل استئناف المحادثات بين إيران والسعودية، وظهور أنباء عن جولة جديدة من مفاوضات الاتفاق النووي بمشاركة عباس عراقجي، إضافة إلى قيام البنك المركزي بعمليات ضخ للعملة الصعبة في السوق.

ساهمت زيادة صلاحيات البنك المركزي وتدخله المباشر في السوق آنذاك في الحد من التقلبات، إذ تراجع الدولار إلى نطاق 40 ألف تومان، لينهي عام 2023 بمتوسط يقارب 48 ألف تومان. ومن أبرز إجراءات البنك المركزي في تلك الفترة إطلاق مركز تداول العملات والذهب، وتوسيع بيع الدولار بالسعر المدعوم لتخفيف الضغوط على السوق.

وفي الربع الثاني من عام 2023، ساد الهدوء سوق الصرف بفضل تطورات سياسية إيجابية. فقد انضمت إيران رسمياً إلى منظمة شنغهاي للتعاون، كما أُعيد فتح سفارتها في السعودية، وهو ما أرسل إشارات استقرار سياسي إلى الأسواق. وواصل البنك المركزي حينها ضخّ العملات الأجنبية عبر مركز التداول، إلى جانب مراقبة الأسواق غير الرسمية، ما ساعد على تقليص نطاق تقلب الأسعار. وتشير البيانات إلى أن سعر الدولار كان في مطلع يوليو 49 ألفاً و700 تومان، وفي أوائل أغسطس 48 ألفاً و600 تومان، ثم بلغ في بداية سبتمبر 49 ألفاً و200 تومان، وهي تحركات طفيفة تعكس تأثيراً محدوداً للعوامل الإدارية وتوقعات قصيرة المدى.

لكن في الربع الأخير من عام 2023، واجهت سوق الصرف ضغوطاً شديدة. فقيود دخول العملات الأجنبية، وتشديد العقوبات، وصعوبات تحويل العائدات، وارتفاع تكاليف المعاملات الخارجية، إلى جانب التضخم المزمن وتزايد التوقعات التضخمية، جميعها دفعت الأسعار نحو الارتفاع. كما أسهمت زيادة الطلب الموسمية في نهاية العام في تعزيز الاتجاه الصعودي. وبرغم محاولات البنك المركزي للسيطرة، بقيت فاعلية هذه الإجراءات محدودة. ووفق بيانات السوق، بلغ سعر الدولار في يناير نحو 50 ألفاً و300 تومان، وافتتح فبراير عند 54 ألفاً و500 تومان، قبل أن يرتفع في مارس إلى نحو 60 ألفاً و300 تومان.

أما خريف عام 2024، فكان من أكثر الفترات توتراً سياسياً خلال العام، وتأثرت سوق الصرف مباشرة بهذه التطورات، إذ شهد الدولار قفزات متتالية. فقد بدأ أكتوبر 2024 بسعر 59 ألفاً و780 تومان، وارتفع في نوفمبر إلى 67 ألفاً و700 تومان. ومع بداية الربع الأخير من ذلك العام، كانت إيران تواجه حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي، وتضخماً مرتفعاً، وضغوطاً متزايدة من العقوبات الدولية. كما ساهمت الاضطرابات السياسية الداخلية، مثل أداء البرلمان وسط الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وحجب الثقة عن وزير الاقتصاد والمالية في مارس، في زيادة التوقعات التضخمية.

ووفق الأرقام، بدأ سعر الدولار في ديسمبر 2024 عند 76 ألفاً و280 تومان، وبلغ في فبراير 2025 نحو 82 ألفاً و300 تومان، قبل أن يتجاوز حاجز 97 ألف تومان في مارس 2025، لينهي بذلك عاماً صعباً على الاقتصاد الإيراني.

عادةً ما يلجأ البنك المركزي، بعد موجات الارتفاع الكبيرة، إلى ما يسمى “سياسات التبريد”، مثل ضخّ محدود للعملات الأجنبية، وتشديد الرقابة على الطلبات الخدمية، والأهم من ذلك اتباع ما يُعرف بـ“سياسة الصمت” — أي عدم تأكيد أو نفي الأسعار الجديدة — ما يعطي السوق انطباعاً بأن الحكومة لا تعارض المستوى السعري القائم. ونتيجة لذلك، تستقر الأسعار مؤقتاً في نطاق محدد بانتظار السياسة التالية.

فيما تتأرجح سوق الصرف في عهد فرزين بين الإدارة والتدخل، يقف الدولار اليوم في حالة جمود غريبة، فهو لا يتراجع ولا يقفز، بينما تبقى قرارات صانع السياسة النقدية وتوقعات المجتمع معلقة في حالة انتظار وترقب.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة عشر − ثلاثة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى