قلق عراقي من ارتدادات “قيصر”: توجس من معاقبة فصائل

تنخرط فصائل عراقية مسلحة منذ سنوات في دعم نظام الأسد، منها 12 فصيلاً تنضوي تحت مظلة "الحشد الشعبي.

میدل ایست نیوز: ينظر برلمانيون وسياسيون عراقيون بحذر إلى “قانون قيصر” الأميركي الذي تضمّن عقوبات ضدّ النظام السوري وداعميه، والذي دخل حيّز التنفيذ الشهر الحالي، لا سيما بعدما فتح القانون الباب أمام فرض عقوبات على أجانب يقدمون دعماً مالياً وعسكرياً لنظام بشار الأسد، وسط خشية من احتمال شمول فصائل عراقية مسلحة تقاتل في سورية بذلك، وهو ما اعتبره نواب أمراً قد يتسبب بمشاكل بسبب انضواء بعض هذه الفصائل ضمن هيئة “الحشد الشعبي” (تضم فصائل مدعومة من طهران)، التي تعدّ مؤسسة أمنية تعمل وفق القانون.

وتنخرط فصائل عراقية مسلحة منذ سنوات في دعم نظام الأسد، منها 12 فصيلاً تنضوي تحت مظلة “الحشد الشعبي”، التي تتولى الحكومة العراقية دفع مرتبات المنتسبين إليها بشكل شهري، كما تنشط بنوك وشركات عدة في تحويلات مالية أغلبها يرتبط بجهات وشخصيات سياسية عراقية مؤيدة لنظام الأسد.

وبحسب مصدر عراقي في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، تحدث لـ”العربي الجديد”، فإنّ القانون الأميركي الجديد ضدّ النظام السوري “سيعرقل الكثير من جوانب التعاون التي كانت بين العراق والنظام السوري، وقد تكون من بينها غرفة التعاون الاستخباري المشترك بين الطرفين وتعاملات مالية كان يجيزها العراق مع بنوك سورية مختلفة، عدا عن شركات التحويل المالي”، لافتاً إلى أنّ “القانون سيكون مفعوله مثل مفعول العقوبات الأميركية على إيران مع فارق نوع العلاقات التجارية والمالية بين العراق وإيران ومثيلتها العراقية السورية”.

وكشف أنّ العراق “لم يتلقَ أي إخطار حتى الآن من الجانب الأميركي بخصوص القانون وإجراءاته، لكن المتوقع أن يكون موضوع الفصائل المسلحة التي تقاتل إلى جانب النظام السوري والتي تتقاضى مرتبات من الحكومة كقوات حشد شعبي، على رأس ما سيتم طرحه من قبل الأميركيين بهذا الخصوص، وهو ما قد يسبب أزمة سياسية بين الحكومة والقوى السياسية الحليفة لإيران في حال قررت الحكومة التجاوب مع القانون الأميركي”.

في المقابل، اعتبر عضو البرلمان العراقي، علي البديري، أنّ “أي قرار يصدر من قبل الولايات المتحدة، أو أي قرار دولي يستهدف دولة جارة، سيكون له تأثير على العراق”، مؤكداً في حديث لـ”العربي الجديد”، أنّ “قانون قيصر يمكن أن يؤثر على تبادلات تجارية ومالية كانت تتم بين الطرفين”.

ولفت إلى أنّ تنفيذ القانون “سيخلق مشكلة في ما يتعلق بالفصائل العراقية المسلحة الداعمة للنظام السوري”، موضحاً أن بعض هذه الفصائل مرتبط بـ”هيئة الحشد” التي تعمل كمؤسسة أمنية وفقاً للقانون. واعتبر أنّ “سياسة الولايات المتحدة واضحة ومعلنة وتهدف إلى السيطرة على العراق ومحيطه، وأي بلد يعلن عداءه لأميركا لديها أسلحة تستخدمها ضده، ومن ضمنها الجانب الاقتصادي، فضلاً عن التسبب بعدم استقرار سياسي وأمني داخل هذه البلدان”.

من جهته، قال رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان السابق حاكم الزاملي، في حديث لـ”العربي الجديد”، في معرضه تعليقه على القانون، إنّ “الأميركيين سبق أن شملوا عراقيين بعقوباتهم من دون أن يحصل شيء”، مضيفاً أنه “في حال شمل القانون عراقيين فهو يهدف بالتأكيد لضرب حلفاء إيران بالدرجة الأولى”.

ويفرض “قانون قيصر” عقوبات على الأجانب المتورطين ببعض المعاملات المالية أو التقنية مع مؤسسات النظام السوري، والمتعاقدين العسكريين والمرتزقة الذين يحاربون بالنيابة عن النظام أو روسيا أو إيران أو أي شخص فُرضت عليه العقوبات الخاصة بسورية، وكل من يقدّم الدعم المالي أو التقني أو المعلومات التي تساعد على إصلاح أو توسعة الإنتاج المحلي لسورية من الغاز والنفط أو مشتقاته، ومن يقدّم الطائرات أو قطعها أو الخدمات المرتبطة بالطيران لأهداف عسكرية في سورية. كما يفرض عقوبات على المسؤولين المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان ضدّ المدنيين أو أفراد عائلاتهم.

وأكد عضو البرلمان العراقي عن تحالف “الفتح” (الجناح السياسي للحشد الشعبي)، حسن شاكر، أنّ “العراق غير معني بالعقوبات الأميركية ضد سورية”، معتبراً في حديث لوسائل إعلام محلية أخيراً، أنّ القانون يهدف إلى “إضعاف المقاومة الإسلامية”. ودعا الحكومة العراقية إلى “اتّباع كل السبل السياسية والدبلوماسية من أجل رفض مثل هذه القوانين”، مضيفاً أنّ “أميركا لا تريد سوى الهيمنة وإيذاء الشعوب، ولا تزال ويلات حصارها للشعب العراقي في تسعينيات القرن الماضي حاضرة، بالإضافة إلى حصارها لإيران”.

كذلك، أكّد عضو البرلمان عن “ائتلاف دولة القانون”، كاطع الركابي، أنّ العراق لن يلتزم بـ”قانون قيصر” الذي تضمن عقوبات أميركية على سورية، رافضاً في تصريح صحافي “سياسات فرض الحصار التي سبق أن أضرت بالشعب العراقي خلال الحصار الاقتصادي الذي فرضته أميركا على العراق في تسعينيات القرن الماضي”.

وفي السياق ذاته، اعتبر أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة النهرين، علاء الفتلاوي، أن “قانون قيصر” الذي جاء بعنوان فرض عقوبات ذات طابع اقتصادي على نظام الأسد يحمل أبعاداً سياسية وأمنية، مؤكداً في حديث لـ”العربي الجديد”، أنّ “القانون لم يكتف بتحجيم حركة قيادات النظام السوري، بل شمل الجهات والشخصيات الداعمة للنظام حتى وإن كانت من خارج سورية”. ولفت إلى أنّ “تبعات هذا القانون قد تتمدد إلى دول أخرى مثل العراق ولبنان، التي توجد فيها أحزاب وفصائل مسلحة داعمة للنظام السوري”، موضحاً أنّ “العراق قد يقع في حرج كبير في حال أصرت الفصائل المسلحة التي اعتادت القتال في سورية على مواصلة نشاطاتها”.

وأشار الفتلاوي إلى أنّ متابعة تصريحات نواب وسياسيين ينتمون إلى قوى مقربة لإيران “تشير إلى وجود توجس من احتمال شمول فصائل عراقية تعترف بدعمها للأسد بعقوبات مماثلة قد تمثل امتداداً للعقوبات التي وردت في قانون قيصر”، مضيفاً: “لا يخفى على أحد أنّ الخطوات الأميركية الأخيرة في سورية تهدف لتحجيم نفوذ إيران في المنطقة من خلال استهداف حلفائها”، مستدركاً “إلا أنّ الأميركيين يجب ألا ينكروا حقيقة سيطرة فصائل عراقية على منافذ ومساحات حدودية شاسعة، بما فيها الحدود مع سورية، الأمر الذي يجعل قضية استهدافها مفتوحة على كل الاحتمالات”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربی الجدید

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

18 + عشرة =

زر الذهاب إلى الأعلى