هل تصبح أوكرانيا ساحة لتصفية حسابان بين إيران وإسرائيل؟

أثار انتشار صور لاستخدام روسيا للمسيّرات الإيرانية تساؤلات حول مدى احتمالية تحول أوكرانيا إلى ساحة جديدة لتصفية الحسابات بين طهران وتل أبيب.

ميدل ايست نيوز: أثار انتشار صور لاستخدام روسيا للمسيّرات الإيرانية لشن ضربات في مختلف المقاطعات الأوكرانية، بما فيها العاصمة كييف، تساؤلات حول مدى احتمالية تحول أوكرانيا إلى ساحة جديدة لتصفية الحسابات بين طهران وتل أبيب على غرار سورية. ومع أن روسيا وإيران نفتا ذلك، إلا أن أصواتاً ارتفعت في إسرائيل للمطالبة بتزويد أوكرانيا بالسلاح.

وحسب تقرير لموقع “العربي الجديد” مع ذلك، ثمة إجماع بين خبراء روس على أن تل أبيب لن تقدم على توريد الأسلحة، أو الهجومية منها على الأقل، إلى كييف خشية إفساد العلاقات مع موسكو بشكل نهائي، بعد أن شهدت تراجعاً لافتاً في عهد رئيس الوزراء الحالي، يئير لبيد، مقارنة مع عهد بنيامين نتنياهو الذي ربطته علاقة شخصية وطيدة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وما يعزز هذه الفرضية هو إسراع لبيد أول من أمس الخميس، للتبرؤ من دعوة وزير الشتات الإسرائيلي، نحمان شاي، الذي أعرب عن اعتقاده بأنه يتعين على إسرائيل البدء بتقديم مساعدات عسكرية لأوكرانيا مثل الولايات المتحدة وغيرها من الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي. كما انضم وزير الأمن الإسرائيلي، بني غانتس، إلى لبيد، برفضه توريد الأسلحة إلى لأوكرانيا.

وذكرت صحيفة “هآرتس” أول من أمس الخميس، أن وزارة الدفاع الأوكرانية، أخطرت إسرائيل بعزمها إرجاء المحادثة بين غانتس، ووزير الدفاع الأوكراني، أوليكسي ريزنيكوف، من دون تحديد موعد بديل.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي أوكراني رفيع المستوى، قوله إنه “أوصى بعدم إجراء المحادثة عقب التصريحات التي صدرت عن غانتس، وذلك في ظل رفض تل أبيب تزويد كييف بأسلحة، وبضمن ذلك منظومات دفاع جوي”.

غير أن وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، كشف الخميس أيضاً، أنه تحدث إلى لبيد وناقش بالتفصيل طلب كييف لأنظمة دفاع جوي وصاروخي وتكنولوجيا. وكتب على “تويتر”: “أبلغته بالمعاناة التي لا توصف والخسائر في الأرواح والدمار الناجم عن الصواريخ الروسية والطائرات من دون طيار إيرانية الصنع”.

وذكر مكتب لبيد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أكد لكوليبا دعم بلاده لأوكرانيا، وأعرب عن “قلقه العميق” بشأن العلاقات العسكرية بين إيران وروسيا.

وفي موسكو، تجزم الصحافية المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط، ماريانا بيلينكايا، بأن إسرائيل لن تدخل على خط الصراع المباشر في أوكرانيا، من دون أن تستبعد في الوقت نفسه احتمال قبولها تزويد أوكرانيا بنظم للدفاع الجوي تحت ضغوط أميركية في نهاية الأمر.

وتقول بيلينكايا في حديث لـ”العربي الجديد”: “لا ينتمي شاي إلى كتلة الحقائب السيادية بالحكومة الإسرائيلية، وبالتالي، لا يمكن قراءة تصريحاته كتغيير للخطاب الرسمي الإسرائيلي، خصوصاً أن غانتس نفاها. إلا أن هناك أصواتاً تتعالى في إسرائيل تدعو إلى تزويد أوكرانيا بنظام للدفاع الجوي، مستشهدة في ذلك بأن تركيا تورد مسيّرات بيرقدار إلى أوكرانيا من دون أن يؤثر ذلك على علاقاتها مع روسيا، والنظم المعروضة هي دفاعية لا هجومية”.

وتلفت بيلينكايا إلى أن “إسرائيل تتعرض لضغوط أميركية قد تؤدي إلى تغير موقفها في نهاية المطاف، وهناك انقسام في الداخل الإسرائيلي حول مسألة تسليح أوكرانيا”.

ومع ذلك، تقلل من احتمال وقوع صدامات إسرائيلية إيرانية على الأراضي الأوكرانية، معتبرة أنه “من المؤكد أن المشاركة المزعومة للمسيرات الإيرانية في النزاع في أوكرانيا تزعج إسرائيل إدراكاً منها أنها قد تكون الهدف المقبل لها، ولكنها لا تدخل في صراعات مباشرة مع إيران إلا في المناطق التي ترى خطراً حقيقياً ناشباً منها مثل سورية”.

بدوره، يقرّ الخبير العسكري الروسي، يوري ليامين، بأن إسرائيل تتوخى الحذر في مسألة توريد الأسلحة إلى أوكرانيا، معتبراً في حديثٍ مع “العربي الجديد” أن “إسرائيل تخشى إفساد العلاقات مع روسيا بشكل نهائي وإيصالها إلى مرحلة العداوة، خصوصاً أن لديها مخاوف من استيلاء القوات الروسية على الأسلحة الإسرائيلية أثناء أعمال القتال. ولكن هذا الوضع قد يتغير، وبات من الصعب التنبؤ حتى على المدى القصير”.

من جهته، يستبعد الأستاذ الزائر في كلية الاقتصاد العالمي والسياسة العالمية في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، مراد صادق زادة، احتمال دخول إسرائيل وإيران في الحرب بالوكالة في أوكرانيا كونها تجري بالفعل في سورية.

ويقول صادق زادة في حديث لـ”العربي الجديد”: “إيران وإسرائيل لا ولن تشاركا في النزاع الأوكراني، إذ إن الحروب بالوكالة تجرى بواسطة بلدين ضعيفين يتم تحريض أحدهما على الآخر. تقود روسيا العملية العسكرية الخاصة بمعرفتها استناداً إلى مواردها هي، واشترت قسماً من الأسلحة مقابل مبالغ هامة”.

ويرى أن إسرائيل لا تريد مزيداً من التدهور لعلاقاتها مع روسيا، مضيفاً: “انحازت إسرائيل كثيراً للطرف الغربي، مما زاد من الفجوة بينها وبين موسكو. كما أنه ليس سراً أن القوات المسلحة الأوكرانية تتاجر بالسلاح، وبالنسبة إلى إسرائيل فهذه إشارة واضحة لعدم تسليم أوكرانيا أي أنواع متطورة من الأسلحة أبداً، حتى لا تقع بين أيدي أطراف ثالثة”.

ويعتبر صادق زادة أن إيران وإسرائيل تتوفر لديهما بالفعل أرض لإجراء الحرب بالوكالة، قائلاً: “الأحداث في سورية هي نموذج لشن إسرائيل قصفاً على أراضي دولة ذات سيادة من دون التنسيق مع أحد، وضرب كافة أحكام القانون الدولي بعرض الحائط ومن دون عقاب. لا يعني ذلك أن إيران حمامة سلام، بل لها طموحات وتمارس أعمالاً هدامة في المنطقة تؤدي إلى الفوضى وحالة عدم الاستقرار في دول مثل العراق، ولكنها أكثر اتزاناً بعض الشيء مقارنة مع تل أبيب”.

ومع ذلك، أثارت الأحاديث عن إمكانية توريد الأسلحة الإسرائيلية إلى أوكرانيا في حد ذاتها استياء روسيا، إذ اعتبر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، الرئيس السابق، دميتري ميدفيديف، أن إسرائيل ترتكب خطأ بعزمها توريد الأسلحة إلى أوكرانيا.

وكتب مدفيديف على قناته على “تيليغرام” مطلع الأسبوع الحالي: “يبدو أن إسرائيل تعتزم توريد الأسلحة إلى النظام في كييف. هذه خطوة متهورة جداً ستدمر كافة العلاقات على مستوى الدولة بين بلدينا”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى