ما هي مكاسب إيران من تجارة الطاقة مع روسيا؟

في الوقت الذي تتراخى فيه إيران في مجال التجارة مع روسيا وبالأخص قطاع الغاز، تسعى تركيا وغيرها من الدول المنافسة لأخذ مكانة طهران في المنطقة.

ميدل ايست نيوز: في الوقت الذي تتراخى فيه إيران في مجال التجارة مع روسيا وبالأخص قطاع الغاز، تسعى تركيا وغيرها من الدول المنافسة لأخذ مكانة طهران في المنطقة. في حين يمكن لإيران وروسيا مساعدة بعضهما البعض في تجارة الطاقة من خلال توقيع عقود طويلة الأجل وتخطي تحديات المنافسين.

وفقًا لوكالة برنا للأنباء، تمتلك روسيا ما نسبته 18.3% من احتياطيات الغاز الطبيعي. حيث تعد شركة غازبروم مسؤولة عن استخراج وإنتاج وبيع الغاز الطبيعي في هذا البلد. وبامتلاكها أكثر من 158200 كيلومتر من خطوط أنابيب الغاز الطبيعي و282 محطة ضاغط، تعتبر هذه الشركة أكبر شبكة لنقل الغاز في العالم. وبهذا، تُعرف روسيا بأنها واحدة من أكبر المساهمين في تجارة الغاز في العالم.

ومن هذا المنطلق، تعد تجارة ومبادلات الغاز، من أهم الأنشطة التي يجب القيام بها في الاهتمام بالاستثمار في إنشاء خطوط نقل الغاز. إذ لا يتم تحديد خطوط نقل الغاز فقط في البعد الاقتصادي، بل تشمل أبعادًا أوسع ، أهمها الأبعاد السياسية والأمنية.

ما بعد حرب أوكرانيا ليس كما قبلها

يرى خبير الطاقة، حبيب الله ظفاريان، أن الهيكل الدولي لتجارة الطاقة في العالم تغير تماماً بعد الحرب بين روسيا وأوكرانيا: “بعد تطورات الحرب في أوكرانيا، حدثت تغيرات في سوق الغاز، من بينها، بدأت قطر برنامج تطوير حقول الغاز وزيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال بوتيرة أسرع ووقعت مؤخرًا عقوداً مع 5 شركات أوروبية وأمريكية لتطوير حقولها”.

وأضاف: “قللت روسيا مؤخراً من صادراتها من الغاز إلى أوروبا، وحاولت أمريكا زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال لتحل محل جزء من الغاز الروسي في السوق الأوروبية”.

وقال: “سنحت الفرصة الآن لإيران لتشكيل تعاون استراتيجي مع روسيا في هذا المجال، وبالطبع هذا التعاون يجب أن يرتكز على المصالح الوطنية الإيرانية. حيث يمكن لهما تشكيل هذا التعاون في مجال الغاز بناءً على مصالحهما الوطنية وخلق لعبة مربحة للجانبين”.

وبهذه الطريقة، تم خلق فرصة فريدة لإيران وروسيا، باعتبارهما المالكين الأول والثاني لموارد الغاز في العالم، للجلوس حول طاولة الحوار من أجل تطوير السوق والتوصل إلى اتفاقيات طويلة الأجل بإستراتيجية مناسبة. لذلك، قد يمكن لإيران شراء فائض الغاز الروسي وتصديره إلى الدول المجاورة بسعر أعلى مما هو متداول، أو الدخول إلى مركز الطاقة في المنطقة من خلال مبادلة الغاز مع موسكو.

خفض تكاليف النقل من خلال مبادلة الغاز الروسية

تتوفر البنية التحتية اللازمة في الوقت الحاضر لنقل 30 مليار متر مكعب من الغاز سنويا من روسيا لإيران عبر طريقين أذربيجان وتركمانستان. ومن خلال شراء الغاز الروسي بسعر معقول واستخدامه في المحافظات الشمالية الإيرانية، يمكن لإيران تصدير غازها إلى دول الجوار بسعر أعلى، بدلاً من إنفاق الأموال على تحويله من المحافظات الجنوبية إلى شمال البلاد.

إيران تحتاج 240 مليار دولار من الاستثمارات للاستغناء عن استيراد الغاز

تجارة الغاز بين إيران وروسيا وباكستان

يوجد حاليًا عقد لتصدير الغاز بين إيران وباكستان تحت مسمى (خذ أو ادفع)، وفي حال لم تكن باكستان مستعدة لتنفيذ هذا العقد لاستلام 20-25 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا، فسيتعين عليها دفع 85٪ من سعر الغاز لإيران كغرامة.

وتعاني باكستان اليوم من نقص حاد في مادة الغاز. وبسبب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال ونقص موارد النقد الأجنبي لهذا البلد، فقد اضطرت إلى تقنين الغاز في بلادها.

بالإضافة إلى ذلك، تعتبر روسيا أن الطريقة الوحيدة لنقل غازها إلى باكستان هي عبر إيران، لأن خط أنابيب “تابي” يخوض حالة من عدم اليقين بسبب القضايا الأمنية، ومن ناحية أخرى، لا تملك موسكو الطاقة الفائضة من الغاز الطبيعي المسال للتصدير لهذا البلد. وعليه، يمكن لروسيا وإيران الاستيلاء على السوق الباكستانية باستخدام هذه الظروف لصالح الطرفين.

من طرف آخر، وافقت موسكو على الاستثمار الأجنبي في روسيا لاستكمال خط الأنابيب في البلاد، قال مهدي صفاري: “يجري الآن الانتهاء من عقد مقايضة الغاز الروسي وكانت المشكلة الوحيدة هي تأجيل هذا العقد من قبل الدولة الوسيطة التي كان من المفترض أن يتم مبادلة الغاز الروسي منها بإيران”.

وتابع: “إيران لن تسلم خط الأنابيب لأي دولة، بل سيعمل الروس على الاستثمار في هذا المشروع، وستبني الشركات الروسية أنابيب لنقل الغاز داخل باكستان لتصدير الغاز من إيران إلى هذا البلد”.

وصرح هذا المسؤول: “قريباً سيتم إنشاء مشروع مشترك بين إيران وروسيا لبناء خط أنابيب غاز إلى دول الخليج وبحر عمان، حيث تبلغ حصة البلدين 50٪”.

مبادلة المنتجات النفطية الإيرانية والروسية

اعترف محسن خجسته مهر، نائب وزير النفط، في مقابلة صحفية أن تبادل المنتجات النفطية من تركمانستان تم على عدة مراحل. بالإضافة إلى ذلك، أعرب ألكسندر نوفاك، نائب رئيس الوزراء الروسي، عن أمله في أن يتم في الخطوة الأولى توقيع اتفاقية مبادلة 5 ملايين طن من النفط الروسي مع إيران بحلول نهاية عام 2022.

وبعد الأحداث الأوكرانية، تم نقل مليون برميل من النفط الخام الروسي من أوروبا إلى الهند، بحيث تسلم موسكو نفطها إلى الهند عبر بحر البلطيق. نتيجةً لذلك، يمكن للروس استخدام قدرة الترانزيت الإيرانية لمبادلة وتصدير النفط الإيراني إلى الهند.

بيت القصيد، يمكن أن يكون لتجارة الطاقة مع روسيا العديد من الفوائد العائدة على طهران، والتي تم ذكر بعضها أعلاه. لكن النقطة المهمة والجديرة بالذكر، أنه بغض النظر عن مدى تراخي إيران في التجارة، فإن الدول المتنافسة مثل تركيا ستأخذ في المستقبل مكانة إيران من خلال توقيع عقود طويلة الأجل.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة + ستة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى