كيف أثار “خليجي 25” السخط في إيران وهل يؤثر ذلك على علاقاتها مع العراق؟

أثار استخدام مصطلح "الخليج العربي" من قبل رئيس وزراء العراق والاتحاد الدولي لكرة القدم جدلاً كبيراً لدى الأوساط الإيرانية.

ميدل ايست نيوز: أثار استخدام مصطلح “الخليج العربي” من قبل رئيس وزراء العراق والاتحاد الدولي لكرة القدم جدلاً كبيراً لدى الأوساط الإيرانية، وتصدر عنوان هذا الموضوع الساخن الصفحات الأولى للصحف ووسائل الإعلام الإيرانية منذ انطلاق بطولة خليجي 25 وإلى يومنا الحالي.

وانطلقت منافسات خليجي 25 يوم الجمعة 6 يناير في البصرة. وغيّبت أحداث الحرب والأوضاع السياسية في البلاد الأجواء الرياضية المحببة لدى أبناء المنطقة وحرمت العراق من إقامة منافسات رياضية ما بين عامي 1991 و2003. ويعتبر اليوم إقامة مباريات كأس العرب لكرة القدم ذا أهمية استراتيجية لهذا البلد.

إلى جانب العراق، تشارك في هذه المسابقات فرق كرة القدم من اليمن والكويت والسعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والبحرين.

المواقف الرسمية

وعلى ضوء كلمة “الخليج العربي”، استنكر وزير الرياضة والشباب في إيران تحريف هذا اللقب، وطالب اتحاد كرة القدم بسرعة باتخاذ الإجراءات اللازمة، بما في ذلك الاحتجاج الرسمي والمتابعة القانونية.

وندد تقي زاده، رئيس مكتب الشؤون الدولية بوزارة الرياضة والشباب في إيران، باستخدام أسماء “وهمية” في بطولة كأس الخليج، وقال: “يتابع اتحاد كرة القدم ووزارة الرياضة الإيرانية الأمر من خلال المؤسسات الدولية.”

إلا أن الأمر لم يبق على هذه الوتيرة، فقد نُشرت عشرات المقالات والتحليلات في وسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية، والتي كانت عادة مصحوبة بانتقاد لاذع لأصحاب القرار في وزارة الخارجية الإيرانية لفشلهم في متابعة الموضوع.

وقال وزير الخارجية الإیراني حسين أمير عبد اللهيان إنه تم استدعاء السفير العراقي إلی الخارجية بعد استخدام السلطات العراقية تعبير “الخليج العربي” بدلا من “الخليج الفارسي”.

وأضاف أمير عبد اللهيان في تصريح: عكسنا حساسية الشعب الايراني العظيم تجاه استخدام المصطلح الدقيق والكامل لـ”لخليج الفارسي” إلی الجانب العراقي.

وعن رد فعل إيران الرسمي على استخدام السلطات العراقیة قال أمیر عبداللهیان اليوم الاربعاء: صحح رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني  هذه المسألة في تدوينة له نُشر مؤخرًا على الفضاء الافتراضي.

وأكد: على الرغم من أن لدينا علاقات إستراتيجية وأخوية وعميقة مع العراق ، فقد أعربنا بوضوح عن احتجاجنا على هذا الموضوع واستدعينا السفير العراقي لدى طهران الى الخارجية ، للتاكيد على حساسية الشعب الايراني العظيم تجاه استخدام المصطلح الدقيق والكامل للخليج الفارسي والاعلان عنها إلی الجانب العراقي.

وفي مقابلة مع وكالة مهر للأنباء، قال المحامي الإيراني نعمت أحمدي بشأن هذه المسألة: ” للأسف، إن البعض لا يأخذون مثل هذه التحريفات على محمل الجد، فإن اسم الخليج الفارسي ليس مسمى يطلق على هذا الممر المائي الكبير في حد ذاته، بل إنه مذكور أيضاً في العديد من النصوص والوثائق التاريخية.”

وأضاف: “في جميع الوثائق من العصر اليوناني والأخميني إلى فترات تاريخية مختلفة وحتى في المراسلات الموجودة بين الجيل الجديد من الحكام العرب، تم ذكر اسم الخليج الفارسي.”

وشدد هذا المحامي على أن إهمال الأطراف الإيرانية هو من جعل بعض هؤلاء الأجانب يسمحون لأنفسهم بتشويه اسم الخليج الفارسي.

خليجي 25 مؤامرة ضد إيران؟

وحول ضرورة الرد الحازم على هذه القضية، قال المحلل السياسي الإيراني حسن هاني زاده: “أقيمت بطولة خليجي 25 في البصرة بالتزامن مع ذكرى استشهاد الفريق قاسم سليماني”.

وتابع: “مكان وزمان عقد هذه المباريات كانا دقيقين وذكيين للغاية، إذ كان الهدف منها اشراك ابناء جنوب العراق في مباريات كرة القدم خلال أيام ذكرى شهداء المقاومة. بالتالي، إن اختيار مدينة البصرة، المركز الشيعي الأكبر في جنوب العراق، كان له غرض خاص.”

وذكر هذا الخبير أنه لسوء الأسف، فقد وقعت السلطات العراقية، بما في ذلك محمد شياع السوداني، في فخ مؤامرات بعض الدول الأعضاء في مجلس التعاون، وقال: “الهدف من إقامة هذه المسابقات هو فصل الأمة العراقية عن إيران.”

وأشار هاني زاده إلى أن اسم “الخليج الفارسي” تم تسجيله في الأمانة العامة للأمم المتحدة، وقال: “يجب على الجهاز الدبلوماسي الإيراني توضيح الحقائق من خلال عقد المؤتمرات الدولية ومنع الدول الأخرى من تزوير اسم هذا الخليج.”

وجاء في مقال نشرته وكالة نورنيوز التابعة لمجلس الأمن القومي الإيراني الأعلى، أن بعض الأوساط الإعلامية الغربية والعربية والصهيونية حاولت تفسير استضافة العراق والترحيب الحار من قبل دول المنطقة العربية لهذا الاختيار على أنه يعادل تقليصًا في دور إيران في المنطقة.

وأضاف هذا المقال: “أن بعض المسؤولين العراقيين استخدموا كلمات وهمية بدلاً من اسم الخليج الفارسي، بعيداً عن مبدأ التقارب الإقليمي وخفض التصعيد وتجاهل الحقائق التاريخية التي لا يمكن إنكارها.”

وبحسب نور نيوز، فإن هذا النوع من السلوك بعيد كل البعد عن الحقائق التاريخية وحسن الجوار ويحتاج بالتأكيد إلى مراجعة وتصحيح.

وفي سياق الانتقادات السابقة، نشرت صحيفة “آرمان امروز” الإصلاحية مقال بعنوان “ناكر الجميل”، قالت فيه أن السوداني هو المسؤول الأكثر “نكراناً للجميل” في تاريخ العراق، لأنه وبالرغم من المساعدات التي قدمتها إيران له إلا أنه لم يتهاون في تشويه التاريخ والإساءة للثقافة الإيرانية.”

وفي عبارات دامغة ولاذعة، رأت هذه الصحيفة “أن الغباء هو السمة الرئيسية لقادة العراق الحاليين ويجب على الحكومة الإيرانية إعادة النظر في سلوكها تجاههم.. وقالت: “يبدو أنهم (الحكام في العراق) نسوا أن تصرفاتهم العدوانية هذه، تستهدف داعمهم الأساسي.”

وفي هذا السياق، قال عطاء الله مهاجراني، وزير الثقافة الإيراني الأسبق والذي يعيش في لندن، في مدونة له: “إننا نعيش في عالم حيث تغيّر العائلات الحاكمة للدول اسم بلادها مع لاحقة اسمها الأخير، كالسعودية والمملكة الأردنية الهاشمية. لذلك، لا بد أنهم اعتقدوا أنه يمكن أيضًا تعريب اسم الخليج الفارسي.”

وأضاف: “بدلاً من دبي، والتي أصبحت اليوم مرساة الرحلات الدولية إلى المنطقة، كان من المفترض أن تحل طهران أو الأهواز محلها؛ لقد كانوا يخططون منذ سنوات واجتذبوا ثروات المنطقة والعالم وكذلك الأدمغة والنخبة ووجدوا أصواتاً تصف إلى جانبهم.”

الحفاظ على الشريك التجاري

في المقابل، أكد موقع “فرارو” في مقال: أوجدت هذه القضية انطباعاً بأن الحكومة العراقية تبتعد عن إيران، إلا أن سبب هذا الانطباع هو أخطاء رئيسية في السياسة الخارجية والطريقة التي ينظر بها الرأي العام الإيراني إلى العلاقات الإيرانية العراقية.

وأضاف فرارو: “لم تكن هذه القضية وليدة اللحظة ومستجدة على اوساط المنطقة، بل مسألة تاريخية لا يمكن فهمها إلا في سياق الواقع الجديد للسياسة والحكم في العراق.”

وجاء في هذا المقال أيضاً: “إن تقديم تفسير مثالي للمجتمع العراقي كدولة معادية لأمريكا ومناهضة لدول مجلس التعاون لا يتعارض مع الحقائق فحسب، بل هو أيضًا نوع من انحراف الرأي العام الإيراني، وإن الاعتقاد بأن مشهد الحكم والساسة العراقيين تحت السلطة الإيرانية ولا أحد يستطيع أن يشرب الماء إلا بإذن وأمر من طهران هو خطأ استراتيجي تتعدى آثاره السيئة نفعه.”

وأكمل: “القضية المهمة والرئيسية اليوم هي كيف ينبغي لإيران أن تحافظ على نشاطها مع أهم شريك تجاري لها؟ والحقيقة هي أن الجهات الفاعلة لم تعد تنتظر التمثيل الإيراني النشط؛ فأي لاعب لديه خارطة طريق واستراتيجية خاصة سيكون له بالتأكيد موطئ قدم أقوى في مستقبل العراق.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة عشر − 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى