من الصحافة الإيرانية: السعودية وسيط قوي في المحادثات الإيرانية الأميركية
إذا تمكنت المفاوضات من الوصول إلى مرحلة تجعل السعودية تدخل في وساطة أكثر جدية ومرونة، وتلعب دورًا في المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، فإن هذه الوساطة ستكون ذات حساسية عالية وستعد حدثًا نادرًا.

ميدل ايست نيوز: شهدت العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية العديد من التقلّبات خلال الـ45 عامًا الماضية؛ ففي بعض الأحيان كانت العلاقات ودية للغاية وأحيانًا أخرى بلغت حد العداء الشديد. لكن القضية الجيوسياسية والتجاور الجغرافي والقرب الديني والثقافي والاجتماعي وتوازن القوة الإقليمي دائمًا ما يفرض ضرورة وجود اتفاقية سلمية غير مكتوبة بين البلدين. ومن هنا، أرى أنه من الضروري أن يتم إبرام اتفاق استراتيجي بين إيران والسعودية، بحيث يكون أساسًا ليس فقط لتقليص التوترات، بل أيضًا لتوحيد البلدين في مواجهة المخاطر الإقليمية.
في وسط دول مجلس التعاون، لا شك أن دور المملكة العربية السعودية هو الأبرز والأكثر تأثيرًا من بقية الدول.
كما أن رفض المملكة قبول الكيان الإسرائيلي وعدم انضمامها إلى اتفاقيات إبراهيم قد عزز من مكانتها وقوتها. الموقف الذي تتبناه المملكة في الاعتراف بدولة فلسطين المستقلة قد يساهم في تعزيز الدبلوماسية المتوافقة مع إيران ويجعل التوافق بين الجانبين أكثر وضوحًا.
وبفضل النفوذ الذي تتمتع به إيران في اليمن، يمكنها أن تلعب دورًا في إرساء السلام بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية، وفي مقابل ذلك يمكنها الحصول على امتيازات خاصة من السعودية.
من جهة أخرى، يجب ألا ننسى أن الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتحديد الرئيس دونالد ترامب، قد وضعوا حسابًا خاصًا للمملكة العربية السعودية وولي عهدها الشاب محمد بن سلمان. إذا تمكنت المفاوضات من الوصول إلى مرحلة تجعل السعودية تدخل في وساطة أكثر جدية ومرونة، وتلعب دورًا في المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، فإن هذه الوساطة ستكون ذات حساسية عالية وستعد حدثًا نادرًا. يمكن لهذا الحدث أن يساعد بشكل كبير في تطوير العلاقات الاستراتيجية بين الجارتين القويتين، وهو أمر يتفوق على وساطة عمان وقطر والإمارات.
ورغم موقف الرياض المعادي تماما لقضية الاتفاق النووي وقدرتها على تحفيز بقية الدول العربية ضد هذه القضية، قد أظهرت مؤخرًا اهتمامًا إيجابيًا بالمفاوضات ورفضت أي موقف عدائي تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
فإذا تمكنت إيران ودبلوماسيتها من دفع السعودية إلى المساهمة في المفاوضات، فإن ذلك سيؤدي إلى فتح آفاق جديدة للمحادثات، ويكون له دور كبير في فك العقد في المفاوضات التي قد تصل إلى طريق مسدود وتُفقد تأثيرها في الساحة السياسية الدولية. إن دور المملكة في هذه الوساطة يمكن أن يزيد من فرص نجاح المفاوضات وتحقيق نتائج إيجابية. على الرغم من أن القرار النهائي في إدارة الأزمة يعود بشكل رئيسي إلى إيران والولايات المتحدة، إلا أن إشراك الشركاء الإقليميين يمكن أن يساعد في حل الأزمة.
قبل وصول ترامب إلى المنطقة، زار وزير الخارجية الإيراني المملكة العربية السعودية وأجرى محادثات جيدة مع الجانب السعودي. هذا الحدث يمكن أن يقلل من دور الوساطة السعودية ويحفزها على أن تلعب دورًا أكبر في التوسط بين إيران وأمريكا، مما يساعد على تخفيف التوترات بشكل أكبر. وفي الوقت نفسه، مع زيارة خالد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي، إلى إيران ولقائه بأعلى المسؤولين في البلاد، أصبح هناك بيئة أكثر ملاءمة لتحقيق سلام شامل في المنطقة أكثر من أي وقت مضى. ليس خافيًا على أحد تعدد جوانب السياسة الخارجية لدونالد ترامب، لكن بفضل تأثيره على حلفائه المقربين، يمكن تعزيز الحلول الدبلوماسية.
كيكاووس بورايُوبي
صحفي إيراني