من الصحافة الإيرانية: حزب الله ما بعد نصرالله

توحي بعض تصريحات الشيخ نعيم قاسم، الزعيم الجديد لحزب الله، بأن الحزب يسعى لإعادة بناء قوته العسكرية والاستمرار كـ"حركة مقاومة"، في حين يلتزم ممثلو الحزب في البرلمان اللبناني الصمت بشأن هذه المسألة.

ميدل ايست نيوز: أفادت وسائل الإعلام اللبنانية بأن عشرات الآلاف شاركوا، يوم الأحد، في تشييع جثمان السيد حسن نصر الله، الأمين العام الراحل لحزب الله، وخليفته السيد هاشم صفي الدين. انطلق موكب التشييع من استاد كميل شمعون الرياضي في الضاحية الجنوبية لبيروت، متجهاً إلى نقطة بين الطريقين الرئيسيين المؤديين إلى مطار رفيق الحريري. كما شهدت المراسم حضور وفود من إيران والحشد الشعبي العراقي وجماعة أنصار الله الحوثية.

وكتبت صحيفة هم ميهن في تقرير لها، أن جنازة زعماء حزب الله أظهرت أن الشعبية العامة لهذه الجماعة داخل الطائفة الشيعية اللبنانية لم تتأثر بالتراجع الذي كان يأمله خصومها. لكن يا ترى هل يمكن لهذه الشعبية أن تتيح لحزب الله استعادة موقعه السابق؟

بعد إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، والذي نصّ على إنهاء إسرائيل احتلالها لبعض أراضي جنوب لبنان مقابل انسحاب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، لم يكشف قادة الحزب بشكل واضح عن استراتيجيتهم المستقبلية. ومع ذلك، توحي بعض تصريحات الشيخ نعيم قاسم، الزعيم الجديد لحزب الله، بأن الحزب يسعى لإعادة بناء قوته العسكرية والاستمرار كـ”حركة مقاومة”، في حين يلتزم ممثلو الحزب في البرلمان اللبناني الصمت بشأن هذه المسألة.

في المقابل، ترى معظم القوى السياسية اللبنانية، وخاصة الرئيس جوزاف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، أن انسحاب قوات حزب الله إلى شمال الليطاني يشكل بداية لنزع سلاحه وحصر القوة العسكرية بيد الدولة. وقد أيد هذا الطرح أيضاً بعض الحلفاء السابقين لحزب الله، مثل وليد جنبلاط، زعيم الطائفة الدرزية. في الواقع، هناك إجماع واسع داخل الحكومة والقوى اللبنانية على ضرورة نزع سلاح حزب الله وتحويله إلى حزب سياسي بالكامل.

لكن رغم هذا التوافق، لا يزال هناك خلاف حول الدور السياسي لحزب الله في لبنان. فسمير جعجع، زعيم “القوات اللبنانية”، وسامي الجميل، زعيم حزب الكتائب، يسعيان إلى تقليص دور حزب الله السياسي، بينما يعمل جوزاف عون بالتعاون مع قوى أخرى على إقناع الحزب بالتحول إلى كيان سياسي بالكامل، مع الالتزام بمتطلبات هذا التحول، بما في ذلك دوره داخل المجتمع اللبناني.

في هذا السياق، لعب جوزاف عون دوراً في إدراج حزب الله وحركة أمل في حكومة نواف سلام. فقد تم تعيين خمسة وزراء في الحكومة اللبنانية من شخصيات قريبة من حزب الله وأمل، كان أبرزهم ياسين جابر، وزير المالية. ومع ذلك، فإن هؤلاء الوزراء لا يحملون انتماءً حزبياً مباشراً للحزبين، ولا يتمتعون بنفس النفوذ الذي كان يسمح لهم سابقاً بعرقلة قرارات الحكومة بمساندة حلفائهم.

ساهم إدخال شخصيات قريبة من حزب الله في الحكومة إلى حد ما في تهدئة الأوضاع في لبنان، إلا أن هناك مشكلتين لا تزالان قائمتين. الأولى، أن الجيل الشاب من أنصار حزب الله لم يتقبل بعد التحول الكامل نحو السياسة، وكثيراً ما يقوم ببعض الاحتجاجات في شوارع بيروت، ما يؤدي إلى مواجهات مع الجيش وقوات الأمن. الثانية، أن التطورات المتسارعة خلال الأشهر الأخيرة التي سبقت قبول وقف إطلاق النار، جعلت قادة حزب الله المتبقين غير قادرين حتى الآن على صياغة استراتيجية واضحة لمستقبلهم.

في الوقت نفسه، أدى السقوط المفاجئ لحكومة بشار الأسد في سوريا، الحليف الأبرز لحزب الله، وسيطرة قوة معارضة له هناك، إلى جعل الوضع أكثر تعقيداً وصعوبة. فعلى الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار، لا يزال حزب الله تحت تهديد عسكري مستمر من إسرائيل، حيث يقوم الجيش الإسرائيلي بين الحين والآخر بشن غارات على أهداف تابعة له داخل لبنان.

ويربط حزب الله استمرار وجوده العسكري بضرورة وجود “قوة مقاومة” في لبنان، لكن جوزاف عون، رغم إدانته للاعتداءات الإسرائيلية، يؤكد أن اللبنانيين سئموا الحرب، ويجب حل النزاع مع إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية وتقديم شكاوى إلى الوسطاء الأمريكيين والفرنسيين.

ما هو واضح حتى الآن هو أنه بعد عامين من الفراغ السياسي، تولت السلطة في لبنان حكومة مصممة على فرض سيادتها على كامل أراضي البلاد وحصر السلاح بيد الجيش. وهذا يعني أن الحكومة اللبنانية، إلى جانب الأطراف الإقليمية والدولية، لم تعد ترى إعادة بناء القوة العسكرية لحزب الله أو احتفاظه بأسلحته شمال الليطاني كخيار مطروح على الطاولة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى